تزامنا مع مساعي ماكرون "تصفية الأجواء" مع المغرب.. الجزائر تعلن "انتهاء الأزمة" مع فرنسا والشروع في مشاورات مع الاليزيه بشأن "الاستحقاقات المقبلة"

 تزامنا مع مساعي ماكرون "تصفية الأجواء" مع المغرب.. الجزائر تعلن "انتهاء الأزمة" مع فرنسا والشروع في مشاورات مع الاليزيه بشأن "الاستحقاقات المقبلة"
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 29 أبريل 2024 - 9:00

تزامنا مع المساعي الحثيثة لقصر الإليزيه، من أجل طي صفحة الفتور الدبلوماسي مع المغرب، التي استمرت نحو ثلاث سنوات وطبعتها خلافات حول مواضيع سياسية ودبلوماسية بالجملة، أعلنت الجزائر خروجها من مربع الأزمة الخانقة منذ أشهر مع فرنسا، مؤكدة أن زعيما البلدين عبد المجيد تبّون، وإيمانويل ماكرون باشرا مرحلة التنسيق المشترك استعدادا للاستحقاقات المقبلة، وأنها لن تتوانى أيضا عن العمل ومواصلة مشاورتها لإعادة الأوضاع في منطقة الساحل إلى ما وصفته بـ "سكتها الصحيحة".

وجاء هذا الإعلان، على لسان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف الذي أكد الأسبوع الماضي في تصريح صحافي مقتضب أنه "لا توجد أي مشاكل في العلاقات الجزائرية – الفرنسية" قبل أن يستدرك بالقول إن هناك "لقاء قريبا سيجمعه مع نظيره الفرنسي تحضيرا لاستحقاقات قادمة بين البلدين"، دون أن يشرح تفاصيل أكثر حول قصده بالاستحقاقات، أو ما إذا كان موعد الزيارة الرسمية المنتظرة منذ سنوات لعبد المجيد تبّون إلى باريس قائمة.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان رسمي مطلع مارس، عقب اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أن هذا الأخير، سيؤدي زيارة دولة إلى باريس في نهاية شتنبر أكتوبر المقبلين، بيد أن هذه الفترة التي تفصلنا عن الموعد المتفق عليه تحتمل حدوث تغييرات عديدة، من شأنها أن تؤثر على الزيارة وموعدها وترتيباتها، تماما كما حدث مع زيارتين سابقتين جرى الاتفاق عليهما منذ 2020 لكنهما نسفتا بين تأجيل وإلغاء.

ويأتي هذا المستجد، تزامنا مع عودة شيء من الدفء إلى العلاقات الفرنسية المغربية بعد سنوات من الفتور الدبلومسي الذي عصف بها على مستوى قضايا خلافية عديدة أبرزها ملف الصحراء المغربية،  الذي يشغل الجزائر الرسمية، بصفة خاصة، وهنا اختارت باريس أن تراجع موقفها التقليدي الذي كان محايدا بشكل يريح الجزائر، في اتجاه يخدم المغرب أكثر، لكن لا يُريح المغرب، الذي يرغب في وضوح أكبر على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، وسبق أن دعا إلى ذلك العديد من شركائه التقليديين في مقدمتهم باريس والجدد بشكل صريح على لسان الملك محمد السادس، وهو يُشدد على أن هذا الملف بات النظارة التي يرى من خلالها المغرب صدق شركائه.

ويوجد أيضا، الوضع المرتبط بدول الساحل الإفريقي، الذي يعد واحدا من النقط الخلافية بين فرنسا والجزائر بحيث أزم الأوضاع كثيرا بين البلدين بسبب الدور الاستخباراتي والدبلوماسي المتناقض الذي لعباه وما يزالان في المنطقة، وعلى الرغم من أن فرنسا انسحبت عسكريا من العديد من دول الساحل الإفريقي، كما أن الجزائر علاقاتها متردّية مع مجمل الدول الحدودية لها حيث تنتعش الجماعات الإرهابية، ما بات يشكل تهديدا أمنيا حقيقيا على البلد، إلا أن هذا لا يعني أن الاثنين استسلمتا وتراجعتا إلى الخلف، خصوصا مع شد المغرب خناقه عليهم بإعلانه على مبادرة دول الساحل وضمان إطلالة على الأطلسي في إطار مشروع تكتل سيُدر تعاونا اقتصاديا وتنمية مستدامة في المنطقة التي تواجه جملة من التحديات الامنية والتنموية.

وبدا استمرار هذا الإصرار الجزائري واضحا أيضا، في تصريح وزير الخارجية الجزائري لصحافة بلاده، عندما أكد  أن الجزائر "ليست مكتوفة الأيدي أمام ما يجري في هذه المنطقة وهي تقوم بواجبها وتضطلع بكامل مسؤولياتها لضمان أمن واستقرار المنطقة".

وكان السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريانكور، قد أكد في حوار مع "لوفيغارو" أن بلاده تواجه صعوبة في إيجاد التوازن المطلوب في علاقتها مع الجزائر والمغرب، مشيرا إلى أن فرنسا عدلت مؤخرا من سياستها باتجاه تقارب أكبر مع المغرب وهو ما تعكسه زيارة ثلاثة وزراء إلى الرباط في ظرف قصير.

وتابع المسؤول الدبلوماسي السابق بالقول: "نحن نقترب من المغرب. لكن ماذا سيحدث على الجانب الجزائري؟ من وجهة نظري هناك احتمالان: إما أن نختلف مرة أخرى مع الجزائريين، خاصة إذا اعترفنا بمغربية الصحراء، والتي تبدو لي جزءا من الحقائق ومستقبل موقفنا الدبلوماسي. أو للتعويض عن هذا التقارب مع الرباط، سنضطر إلى تقديم تعهدات إضافية للجزائر، إنه توازن معقد للغاية، بمثابة مشي على حبل مشدود".

وفي تفسيره لأسباب تطبيع فرنسا علاقتها مع المغرب، قال دريانكور إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكون قد أجرى إعادة تقييم حول تفضيله التعاون مع الجزائر وما تخلله من تنازلات في ملف الذاكرة، دون أن يكون لذلك تجاور من الطرف الآخر (الجزائر).

واعترف السفير السابق، في نفس الوقت، أن طبيعة الوجود التاريخي لفرنسا في الجزائر والمغرب تختلفان، فالأولى كانت مقاطعة فرنسية والثانية كانت محمية واحتفظت بحكامها..

ويرى السفير الفرنسي السابق في حديثه عن العلاقات بين باريس والرباط، أن المصالح الاستراتيجية لفرنسا في المغرب أكبر منها في الجزائر باعتباره شريكا استراتيجيا في إفريقيا، مضيفا: "فرنسا لديها مصالح أكثر مع المغرب، ولو على المستوى الاقتصادي فقط، أما مع الجزائر فمصالحنا محدودة للغاية".

وأردف أن الجزائر اتجهت نحو الصين أو تركيا أو ألمانيا على حساب فرنسا لكن  دريانكور متهم في الجزائر بأنه مرة أخرى إما عمدا أو جهلا، يحاول إخفاء الحقيقة، فأرقام بيزنس فرانس، وهي الهيئة المسؤولة عن التجارة الخارجية الفرنسية، تشير إلى أن الجزائر تظل ثاني أكبر سوق لفرنسا في إفريقيا مع ما يقرب من 4.5 مليار أورو من الواردات سنة 2013. وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الجزائر وفرنسا، بنسبة 5.3 بالمائة ليصل إلى 11.8 مليار أورو في نفس السنة.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...